فصل: السنة الثانية عشرة من ولاية الإخشيد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الثانية عشرة من ولاية الإخشيد

وهي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة‏:‏ وفيها لقب الخليفة المستكفي نفسه بإمام الحق وضرب ذلك علىالسكة‏.‏

وفيها في المحرم توفي توزون التركي الأميربهيت وكان معه كاتبه أبوجعفربن شيرزاد فطمع في المملكة وحلف العساكرلنفسه وسارحتى نزل بباب حرب أحد أبواب بغداد فخرج إليه الديلم والجند وبعث إليه المستكفي بالإقامات وبخلع بيض ولم يكن مع آبن شيرزاد مال فضاق مابيده فشرع في مصادرات التجاروالكتاب وسلط الجندعلىالعامة وتفرغ لأذىالخلق فهرب أعين بغداد وانقطع الجلب فخربت وتخلخل أمرها‏.‏

وفيها قدم معزالدولة أحمد بن بويه إلى بغداد بعد أمورصدرت وخلع عليه المستكفي ولقبه معز الدولة ولقب أخاه عليا عماد الدولة وأخاه الحسن ركن الدولة وضربت ألقابهم على السكة ثم ظهرابن شيرزاد وأجتمع بمعزالدولة ومعزالدولة المذكور هوأول من ملك من الديلم من بني بويه وهوأول من وضع السعاة ببغداد ليجعلهم رسلا بينه وبين أخيه ركن الدولة إلىالري وكان له ساعيان فضل ومرعوش وكان كل واحد منهما يمشي في اليوم ستة وثلاثين فرسخا فضري بذلك شباب بغداد وآنهمكوا فيه حتى نجب منهم عدة سعاة‏.‏

وفيها خلع المستكفي من الخلافة وسمل خلعه معزالدولة أحمدبن بويه الديلمي وسببه أنه لما كان أول جمادىالأخرة دخل ے المستكفي فوقف والناس وقوف على مراتبهم فتقدم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة الرزق فمديده إليهما ظنا منه أنهما يريدان تقبيلها فجذباه من السرير وطرحاه إلى الأرض وجراه بعمامته ثم هجم الديلم على دار الخلافة وعلى الحرم ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة ومضى معزالدولة إلى منزله وساقوا المستكفي ماشيا إليه ولم يبق بدارالخلافة شيء إلا نهب وخلع المستكفي وسملت عيناه وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين وتوفي بعد ذلك في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وعمره ست وأربعون سنة علىما يأتي ذكره في محله وهذا ثالث خليفة خلع وسمل كما بشر به القاهر لماخلع المتقي وسمل فإنه قال بقينا اثنين ولابد لنا من ثالث وقد تقدم ذكرذلك عند خلع المتقي ثم آحضر معزالدولة أباالقاسم الفضل بن المقتدرجعفر وبايعه بالخلافة ولقبه بالمطيع لله وسنه يومئذ أربع وثلاثون سنة ثم قدموا ابن عمه المستكفي المذكورفسلم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع وذلك قبل أن يسمل ثم صادرالمطيع خواص المستكفي وأخذ منهم أموالا كثيرة وقررله معزالدولة في كل يوم مائة دينار‏.‏

وفيهاعظم الغلاء ببغداد في شعبان وأكلوا الجيف والروث ومالوا على الطرق وأكلت الأكلب لحومهم وبيع العقار بالرغفان ووجدت الصغارمشوية مع المساكين وهرب الناس إلى البصرة وواسط فمات خلق في الطرقات وذكر ابن الجوزي أنه آشتري لمعزالدولة كردقيق بعشرين ألف درهم قلت والكر سبعة عشر قنطارا بالدمشقي لأن الكرأربعة وثلاثون كارة والكارة‏:‏ خمسون رطلًا بالدمشقي‏.‏

وفيها وقع بين معزالدولة أحمدبن بويه وبين ناصرالدجولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي وجاء فنزل سامرا فخرج إليه معزالدولة ومعه الخليفة المطيع لله في شعبان وآبتدأت الحروب بينهم بعكبرا وكان معز الدولة قد تغيرعلى ابن شيرزاد واستخانه في الأموال فلما وقع القتال جاء ناصرالدولة فنزل بغداد من الجانب الشرقي وملكها وجاء معزالدولة ومعه المطيع كالأسير فنزل في الجانب الغربي ثم قوي أمر معزالدولة حتى ملك بغداد ونهبت عساكره الديلم أهل بغداد وهرب ناصرالدولة من بغداد‏.‏

وفيها توفي القائم بأمرالله نزاروقيل محمد ے أبو القاسم بن المهدي عبيد الله الذي توثب علىالأمروادعى أنه علوي فاطمي يأتي ذكرأحوالهم في تراجم من ملك مصر من ذريتهم كالمعزوغيره ولي القائم هذا بعد موت أبيه المهدي بعهد منه إليه وسارإلى مصر مرتين ووقع له مع أصحاب مصر حروب وخطوب تقدم ذكر بعضها في تراجم ملوك مصر يوم ذاك وكانت وفاة القائم هذا بالمهدية من بلاد المغرب في شوال قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي وكان القائم شرا من أبيه المهدي زنديقا ملعونا ذكرالقاضي عبد الجبار أنه أظهر سب الأنبياء عليهم السلام وكان مناديه ينادي العنوا الغاروماحوى وقتل خلقا من العلماء وكان يراسل أبا طاهر القرمطي إلىالبحرين وهجروأمره بإحراق المساجد والمصاحف فلما كثرفجوره خرج عليه رجل يقال له مخلد بن كيداد وساق الذهبي أمورا نذكربعضها في تراجم أولاده الآتي ذكرهم في أخبارملوك مصر فحينئذ نطلق هناك عنان القلم في نسبهم وكيفية دخولهم إلى مصروأحوالهم مبسوطا مستوعبًا‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن الحسن أبو بكر المعروف بالصنوبري الضبي الحلبي ے إماما بارعًا في الأدب فصيحا مفوها روى عنه من شعره أبو الحسن الأديب وأبو الحسن بن جميع وغيرهما ومن شعره‏:‏ لاالنوم أدري به ولاالأرق يدري بهذين من به رمق إن دموعي من طول ماآستبقت كلت فما تستطيع تستبق ولي مليك لم تبد صورته مذ كان إلاصلت له الحدق نويت تقبيل نار وجنته وخفت آدنو منها فأحترق وفيها توفي علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو الحسن البغدادي الكاتب الوزير وزر للمقتدر والقاهروحدث عن أحمد بن شعيب النسائي والحسن بن محمد الزعفراني وحميد بن الربيع وروىعنه آبنه عيسى والطبراني وأبوطاهر الهذلي وكان صدوقا دينا خيراصالحاعالما من خيار الوزراء ومن صلحاء الكبراء وكان ے والصلاة والصيام ومجالسة العلماء حكى أبوسهل بن زيادالقطان أنه كان معه لما نفي إلى مكة قال فطاف يوماأوسعى وجاء فرمى بنفسه وقال أشتهي على الله شربة ماء مثلوج فنشأت بعد ساعة سحابة فبرقت ورعدت وجاءت بمطر يسير وبردكثير وجمع الغلمان منه جرارًا وكان الوزيرصائمًا فلما كان الإفطارجئته بأقداح مملوءة من أصناف الأشربة فأقبل يسقي المجاورين ثم شرب وحمد الله وقال ليتني تمنيت المغفرة وقال أحمد بن كامل القاضي سمعت علي بن عيسى الوزيريقول كسبت سبعمائة ألف دينارأخرجت منها في وجوه البر ستمائة وثمانين ألف ديناروقال الصولي لا أعلم أنه وزرلبني العباس وزير يشبهه في عفته وزهده وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه وكان يصوم نهاره ويقوم ليله ولا أعلم أنني خاطبت أحدا أعرف منه بالشعرولما نكب وعزل عن الوزارة قال أبياتامنها‏:‏ ومن يك عني سائلًا لشماتة لما نابني أو شامتا غير سائل فقد أبرزت مني الخطوب آبن حرة صبورًا على أهوال تلك الزلازل وفيها توفي عمربن الحسين بن عبد الله أبو القاسم الخرقي البغدادي الحنبلي صاحب المختصرفي الفقه وقد مر ذكرأبيه في محله قال أبويعلى بن الفراء كانت لأبي القاسم مصنفات كثيرة لم تظهرلأنه خرج من بغداد لما ظهر بها سمب أصحابه وأودع كتبه في دارفاحترقت تلك الداروكانت وفاته بدمشق ودفن بباب الصغير‏.‏

وفيها توفي أبو بكرالشبلي الصوفي المشهور صاحب الأحوال وآسمه دلف بن جحدروقيل جعفربن يونس وقيل جعفربن دلف وقيل غيرذلك أصله من الشبلية وهي قرية بالعراق ومولده بسرمن رأى ولي خاله إمرة الإسكندرية وولي أبوه حجابة الحجاب وولي هوحجابة الموفق ولي العهد وسبب توبته أنه حضر مجلس خير النساج وتاب فيه وصحب الجنيد ومن في عصره وصار أحد مشايخ الوقت حالا وقالا في حال صحوه لافي حال غيبته وكان فقيها مالكي المذهب وسمع الحديث وكان له كلام وعبارات ومات في آخر هذه السنة وقد نيف على الثمانين قيل إنه سأله سائل هل يتحقق العارف بما يبدو له فقال كيف يتحقق بما لايثبت وكيف يطمئن إلى مايظهر وكيف يأنس بما لا يخفى فهو الظاهر الباطن ثم أنشأ‏:‏ فمن كان في طول الهوى ذاق سلوة فإني من ليلى بها غير واثق وأكثر شيء نلته من وصالها أماني لم تصدق كلمحة بارق وله‏:‏ تغنى العود فآشتقنا إلى الأحباب إذ غنى الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالفضل أحمد بن عبد الله بن نصربن هلال السلمي وأبو بكر الصنوبري الحلبي أحمد بن محمد والحسين بن يحيى بن عباس القطان والمستكفي بالله عبد الله بن المكتفي خلع في جمادى الأخرة وسمل وسجن ثم مات بعد أربعة أعوام وعلي بن إسحاق المادراني وأبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير وأبو القاسم عمربن الحسين الخرقي الحنبلي صاحب المختصر وأبو علي محمد بن سعيد القشيري الحراني الحافظ والإخشيذ محمد بن طغج التركي في ذي الحجة بدمشق عن ست وستين سنة والقائم بأمر الله نزار ويقال محمد بن المهدي عبيد الله مات بالمهدية في شوال وأبو بكر الشبلي شيخ الصوفية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وعشر أصابع‏.‏

مبلغ الزياده خمس عشرة ذراعا وست أصابع‏.‏

ولاية أنوجور بن الإخشيذ هو أنوجور بن الإخشيذ محمد بن جف الأمير أبو القاسم الفرغاني التركي وأنوجور اسم أعجمي غير كنية معناه باللغة العربية محمود ولي مصر بعد وفاة أبيه الإخشيد في يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ولاه الخليفة المطيع لله على مصر والشام وعلى كل ماكان لأبيه من الولاية فإنه كان أبوه أستخلفه وجعله ولي عهه فأقرة الخليفة على ماعهده له أبوه ولما ثبت أمر أنوجور المذكور صار الخادم كافور الإخشيذي مدبر مملكته فكان كافور يطلق في كل سنة لابن أستاذه أنوجور هذا أربعمائة ألف دينار ويتصرف كافور فيما يبقى ثم قبض كافور على أبي بكر محمد بن علي بن مقاتل صاحب خراج مصر في يوم ثالث المحرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وولى مكانه على الخراج محمد بن علي الماذرائي ولما تم أمر أنوجور بدمشق خرج منها وصحبته الأستاذ كافور الإخشيذي إلى مصر فدخله بعساكره في أول صفر فأقام بها مدة ثم خرج منها بعساكره إلى الشام أيضًا لقتال سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان فإن سيف الدولة كان بعد خروج أنوجور من دمشق ملكها ولما خرج أنوجور من مصر إلى الشام في هذه المرة خرج معه عمه الحسن بن طغج أخو الإخشيذ ومدبر دولته الخادم كافور الإخشيذي فخرج سيف الدولة من دمشق وتوجه نحو الديار المصرية حتى وصل إلى الرملة فالتقى مع المصريين فكان بينهم وقعة هائلة انكسر فيها سيف الدولة وانهزم إلى الشام فسار المصريون وراءه فآنهزم إلى حلب فساروا خلفه فانهزم إلى الرقة وقال المسبحي كان بين سيف الدولة وبين أبي المظفر الحسن بن طغج وهوأخو الإخشيذ قلت ذكر المسعودي الحسن هذا لصغر سن أنوجور وقعة باللجون فانكسر سيف الدولة ووصل إلى دمشق بعد شده وتشتت وكانت أمه بدمشق فنزل بالمرج خائفا وأخرج حواصله وسار نحو حمص على طريق قارة وسار أخو الإخشيذ وكافور الإخشيذي إلى دمشق واستقر أمرهم على الصلح على أن يعود سيف الدولة إلى ماكان بيده من حلب وغيرها وأقر أنوجور يأنس المؤنسي على عادته في إمرة دمشق فإنه كان أولا انهزم من سيف الدولة وسلمه دمشق بالأمان وعاد أنوجور وعمه الحسن بن طغج وكافور الإخشيذي إلى الديار المصرية سالمين‏.‏

ولما كان أنوجور بالشام خرج بمصر غلبون متولي الريف في جموع ونهب مصر وتغلب عليها فقدم أنوجور فهرب غلبون من مصر فتبعه أبوالمظفر الحسن بن طغج أخو الإخشيذ حتى ظفر به وقتله‏.‏

ثم آستوزر أنوجور أبا القاسم جعفر بن الفضل بن الفرات ودام أنوجور على إمرة مصر سنين إلى أن وقع بينه وبين كافور وحشة في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وسببها أن قوما كلموا أنوجور وقالوا له قد آحتوى كافور على الأموال وآنفرد بتدبير الجيوش وأخذ أملاك أبيك وأنت معه مقهور وحملوه على التنكر فلزم أنوجور الصيد والتباعد فيه إلى المحلة وغيرها وانهمك في اللهو ثم أجمع على المسير إلى الرملة فأعلمت أمه كافورا بما عزم عليه ولدها خوفا عليه من كافور فلما علم كافور بذلك راسله ثم بعثت أمه إليه تخوفه الفتنة فآصطلحا ودام الأمر على حاله ولم يزل أنوجور على إمرة مصر إلى أن مات بها في يوم السبت سابع أوثامن في القعدة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وحمل إلى القدس فدفن عند أبيه الإخشيذ وكانت مدة ولايته على مصر أربع عشرة سنة وعشرة أيام ولما مات أنوجور أقام كافور الإخشيذي أخاه عليا أبا الحسين بن الإخشيذ مكانه وأقره الخليفة المطيع على إمرة مصر على الجند والخراج وأضاف إليه الشام كما كان لأبيه الإخشيذ ولأخيه أنوجور وقويت شوكة كافور في ولاية علي هذا أكثر مما كانت في ولاية أخيه لوجوه عديدة‏.‏

السنة الأولى من ولاية أنوجور بن الإخشيذ وهي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة‏.‏

فيها جدد معز المولة أحمد بن بويه الأمان بينه وبين الخليفة المطيع لله بعد أن انهزم ناصر الدولة بن حمدان في السنة الماضية من معز الدولة المذكور ثم وقع الصلح بينهما على أن يكون لناصر الدولة من تكريت إلى الشام‏.‏

وفيها آستولى ركن الدولة الحسن بن بويه على الري‏.‏

وفيها أقيمت الدعوة بطرسوس لسيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان فنفذ لهم الخلع وفيها توفي أحمد بن أبي أحمد القاص أبوالعباس الطبري القاضي الفقيه صاحب أبي العباس بن سريج كان إماما فقيها صنف في مذهبه كتاب المفتاح و أدب القاضي و المواقيت و التلخيص وتفقه عليه أهل طبرستان وكانت وفاته بطرسوس‏.‏

وفيها لم يحج أحد من العراق خوفا من القرامطة‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد بن الربيع بن سليمان أبورجاء الفقيه الشافعي الشاعر كان فاضلا شاعرا وله قصيدة ذكر فيها أخبار العالم وقصص الأنبياء وسئل قبل موته كم بلغت قصيدتك إلى الآن فقال ثلاثين ألفا ومائة بيت‏.‏

وفيها توفي هارون بن محمد بن هارون بن علي بن موسى أبوجعفر الضبي كان أسلافه ملوك عمان وكان معظما عند السلطان وآنتشرت مكارمه وعطاياه وقصده الشعراء من كل مكان وأنفق أموالا عظيمة في بر العلماء والأشراف وأقتناء الكتب النفيسة وكان عارفا بالنحو واللغة والشعر ومعاني القرآن والكلام وكانت داره مجمعا لأهل العلم‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالعباس القاضي صاحب ابن سريج وأبو عمر حمزة بن القاسم الهاشمي وأبو بكر محمد بن جعفر الصيرفي المطيري وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي الشطرنجي والهيثم بن كليب الشاشي‏.‏

الماء القديم ثلاث أذرع و إحدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعا وثماني أصابع‏.‏

السنة الثانية من ولاية أنوجور وهي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة‏:‏ فيها خرج الخليفة المطيع ومعز الدولة أحمدبن بويه إلى البصرة لمحاربة أبي القاسم عبد الله بن البريدي وسلكوا البرية إليها فلما قاربوها استأمن إلى معز الدولة جيش البريدي وهرب هو إلى القرامطة وملك معز الدولة البصرة وأقطع المطيع فيها من ضياعها‏.‏

وفيها قدم عماد الدولة علي بن بويه إلى الأهواز فبادر أخوه معز الدولة أحمد إلى خدمته وجاء فقبل الأرض ووقف وتأدب معه معز الدولة ثم بعد أيام ودعه وعاد معز الدولة وقد أخذ واسطًا والبصرة‏.‏

وفيها ظفر المنصور العبيدي بمخلد بن كيداد وقتل قواده ومزق جيشه‏.‏

وفيها أغارت الروم على أطراف الشام فسبوا وأسروا فساق وراءهم سيف الدولة بن حمدان ولحقهم فقتل منهم مقتلة عظيمة وآسترد ما أخذوا من المسلمين ثم أخذ حصن برزويه من الأكراد بعد أن نازلهم مدة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن جعفربن محمد أبو الحسين المعروف بابن المنادي البغدادي كان إمامًا محدثًا سمع الكثير وصنف كتبا كثيرة قال أبويوسف القزويني صنف في علوم القرآن أربعمائة ونيفا وأربعين كتابا ليس فيها شيء من الحشو وجمع فيها حسن العبارة وعلو الرواية‏.‏

وفيها توفي العلامة أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين الصولي الإمام المفتن المعروف بالصولي الشطرنجي الكاتب وكان صول من ملوك خراسان وجرجان كان أحد علماء الفنون كالأدب وحسن المعرفة بأيام الناس وطبقات الشعراء واسع الرواية كثير الحفظ صنف كتاب ‏"‏ الأوراق وكتاب ‏"‏ الوزراء وغيرهما وأنتهى إليه علم الهندسة و الشطرنج ونادم جماعة من الخلفاء وكان له نظم رائق من ذلك قوله‏:‏ أحببت من أجله من كان يشبهه وكل شي من المعشوق معشوق حتى حكيت بجسمي ما بمقلته كأن سقمي من جفنيه مسروق وفيها توفي محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر الشاشي القفال الكبير أحد أئمة الشافعية كان إماما فاضلا وهوأول من صنف في الجدل مات في صفر قاله العلامة يوسف بن قزأوغلي وذكر الذهبي وفاته في سنة خمس وستين وثلاثمائة وهو المشهور‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفى أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي وحاجب بن أحمد الطوسي وأبو العباس محمد بن أحمد بن حماد الأثرم وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي وأبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني وأبوطاهر محمد بن الحسين المحمداباذي‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏.‏

الماء القديم ثلاث أذرع وثلاث عشرة إصبعا مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الثالثة من ولاية أنوجور وهي سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة فيها كان الغرق ببغداد وزادت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وهرب الناس ووقعت الدور ومات تحت الرد م خلق كثير‏.‏

وفيها دخل بغداد أبو القاسم عبد الله بن البريدي بأمان من معز الدولة وأقطعه معز الدولة قرى بأعمال بغداد‏.‏

وفيها آختلف معز الدولة أحمد بن بويه وناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي وسار معز الدولة إلى الموصل فتأخر ناصر الدولة إلى نصيبين خائفا ثم صالحه ناصر الدولة في وفيها خرجت الروم فتلقاهم سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي على مرعش فهزموه وملكوا مرعش‏.‏

وفيها لم يحج أحد في هذه السنة من العراق‏.‏

وفيها ولي إمرة دمشق أبوالمظفر الحسن بن طغج بن جص نيابة لابن أخيه أنوجور بن الإخشيذ وقد وليها مرة أخرى في أيام القاهر من قبل أخيه الإخشيذ محمد بن طغج‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم أبو محمد المعروف بالبيع والد الحاكم أبي عبد الله النيسابوري صاحب التصانيف أذن عبد الله هذا بمسجد ثالثا وثلاثين سنة وغزا أثنتين وعشرين غزوة وأنفق على العلماء والزهاد مائة ألف درهم وكان كثير العبادة وروى عن مسلم وغيره‏.‏

وفيها توفي قدامة بن جعفر أبوالفرج الكاتب صاحب المصنفات مثل كتاب البلدان و الخراج و صناعة الكتابة وغيرها‏.‏

وكان عالمًا جالس المبرد وثعلبًا وغيرهما‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوإسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني الزاهد وأبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر النيسا بوري‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وخمس عشرة إصبعًا مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الرابعة من ولاية أنوجور وهي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة‏:‏ فيها وصلت تقادم أنوجوربن الإخشيذ عامل مصر صاحب الترجمة وسأل معز الدولة أن يكون أخوه مشاركا له في إمرة مصر ويكون من بعده فأجابه‏.‏

وفيها تقفد أبوالسائب عتبة بن عبيد الهمذاني قضاء القضاة ببغداد‏.‏

وفيها تحركت القرامطةولم يحج أحد في هذه السنة من العراق‏.‏

وفيها عمر المنصور العبيدي صاحب بلاد المغرب مدينة المنصورية‏.‏

وفيها ولي إمرة دمشق شعلة بن بدر الإخشيذي من قبل صاحب الترجمة وكان أحد الأبطال الموصوفين بالشجاعة وفيه ظلم‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن علي أبو بكر المراغي روى عن الربيع بن سليمان أبياتا سمعها من الشافعي رضي الله عنه وهي‏:‏ وأن عرا الإيمان قول محسن وفعل زكي قد يزيد وينقص وأن أبا بكر خليفة ربه وكان أبو حفص على الخير يحرص وأشهد ربي أن عثمان فاضل وأن عليًا فضله متخصص أثمة قوم نهتدي بهداهم لحا الله من إياهم يتنقص وفيها توفي أمير المؤمنين المستكفي بالله عبد الله ابن الخليفة المكتفي بالله علي ابن الخليفة المعتضد بالله أحمد ابن ولي العهد طلحة الموفق ابن الخليفة جعفر المتوكل الهاشمي العباسي البغدادي مات معتقلا بعد أن خلع من الخلافة وسمل قبل تاريخه بسنين في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة حسب ما تقدم ذكره في محله ومات برمي الدم وكان محبوسًا بدار معز الدولة بن بويه ومات وله ست وأربعون سنة وكان بويع بالخلافة بعد خلع المتقي بالله وسمله في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وأم المستكفي بالله هذا أم ولد تسمى غصن‏.‏

وفيها توفي السلطان عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بن فناخسرو الديلمي وقد ذكرنا من أمر بني بويه ومبدأ ملكهم نبذة في حوادث سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وكان قد ملك جميع بلاد فارس وكان ملكا عاقلا شجاعا مهيبا آعتل بقرحة في الكلى أنحلت جسمه ومات بشيراز وله تسع وخمسون سنة وأقام الخليفة المطيع لله مقامه أخاه أباعلي الحسن ركن الدولة والد السلطان عضد الدولة بن بويه وكان معز الدولة أحمد بن بويه صاحب أمر الخلافة يومئذ يحدث أخاه عماد الدولة المتوفى ويحترمه ويكاتبه بالعبودية ويقبل الأرض بين يديه إذا اجتمعا مع عظم سلطانه لكونه الأكبر سنًا‏.‏

وفيها توفي محمد بن عبد الله بن دينار أبو عبد الله الفقيه الزاهد العدل النيسابوري وكان صالحا عابدا يحج دائما ومات عند منصرفه من الحج في صفر رضي الله عنه‏.‏

وفيها توفي أحمد بن محمد بن اسماعيل العلامة أبوجعفر النحاس المصري النحوي كان من نظراء ابن الأنبارفي ونفطويه وله كتاب إعراب القرآن وكتاب المعاني وكتاب اشتقاق الأسماء الحسنى ومصنفات كثيرة غير ذلك‏.‏

وفيها توفي إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن أبوإسحاق الأنطاكي الفقيه المقرىء قرأ على هارون بن موسى الأخفش وأحمدبن أبي رجاء وغيرهما وصنف كتابا في القراءات الثمان وسمع الكثير وحدث‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحمدبن سليمان بن زبان الكندي الدمشقي وأبوجعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت وأبو علي الحسن بن حبيب الخضائري وعماد الدولة علي بن بويه الديلمي صاحب بلاد فارس وكانت أيامه ست عشرة سنة وأبو الحسن علي بن محمد الواعظ ا المصري وعلي بن حمشاد العدل‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وسبع عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وثماني عشرة إصبعًا‏.‏

السنة الخامسة من ولاية أنوجور وهي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة‏:‏ فيها غزا سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بلاد الروم في ثلاثين ألفا ففتح حصونا وقتل وسبى وغنم فأخذ الروم عليه الدرب عند خروجه فاستولوا على عسكره قتلا وأسرا واستردوا جميع ما أخذ لهم وأخذوا جميع خزائن سيف الدولة ونجا في عدد يسير‏.‏

وفيها استولى منصوربن قراتكين على الري والجبال ودفع عنها عسكر ركن الدولة‏.‏

وفيها رد الحجر الأسود إلى موضعه بعث به القرمطي مع أبي محمد بن سنبر إلى الخليفة المطيع للة وكان بجكم قد دفع فيه قبل تاريخه خمسين ألف دينار وما أجابوا وقالوا أخذناه بأمر وما نرده إلا بأمر فلما ردوه في هذه السنة قالوا‏:‏ رددناه بأمر من أخذناه بأمره وكذبوا فأن الله تعالى قال‏:‏ ‏"‏ وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ‏"‏ وان عنوا بالأمر القدر فليس ذلك حجة لهم فالله تعالى قدر عليهم الضلال والمروق من الدين وقدر عليهم أن يدخلهم النار فلا ينفعهم قوله أخذناه بأمر ولما أتوا بالحجر الأسود أعطاهم المطيع مالا له جرم وكان الحجر الأسود قد بقي أثنتين وعشرين سنة وقال المسبحي وفيها وافى سنبربن الحسن إلى مكة ومعه الحجر الأسود وأمير مكة معه فلما صار بفناء البيت أظهر الحجر وعليه ضباب فضة قد عملت من طوله وعرضه تضبط شقوقا قد حدثت عليه بعد أنقلاعه وأحضر له صانعا معه جص يشده به فوضع سنبربن الحسن بن سنبر الحجر الأسود بيده وشده الصانع بالجص وقال‏:‏ لما رده أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئته‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد الصيمري كاتب معزالدولة ووزيره فقلد مكانه أبامحمد الحسن بن محمد المهلبي‏.‏

وفيها في عيد الأضحى قتل الناصرالدين الله عبد الرحمن بن محمد الاموي صاحب الأندلس ولده عبد الله وكان قد خاف من خروجه عليه وكان الناصر من كبار العلماء روى عن محمد بن عبدالملك بن أيمن وقاسم بن أصبغ وله تصانيف منها مجلد في ‏"‏ مناقب بقي بن مخلد رواه عنه وفيها توفي عبد الرحمن بن اسحاق أبو القاسم الزجا جي النحوي من أهل بغداد وسكن طبرية وأيلة وحدث بدمشق وصنف في النحو مختصرًا‏.‏

وفيها غزا سيف الدولة في شهر ربيع الأول ووافاه عسكر طرسوس في أربعة آلاف عليهم القاضي أبوالحصين فسار إلى قيسارية وفتح عدة حصون وسبى وقتل ثم سار إلى سمندو ثم إلى خرشنة يقتل ويسبي ثم الى صارخة بينها وبين قسطنطيية سبعة أيام‏.‏

فلما نزل عليها واقع الدمستق مقدمته فظهرت عليه فلجأ إلى الحصن وخاف على نفسه ثم جمع والتقى بسيف الدولة فهزمه الله أقبح هزيمة وأسرت بطارقته وكانت غزوة مشهورة وغنم المسلمون ما لا يوصف وبقوا في الغزو أشهرًا‏.‏

وفيها توفي الخليفة القاهر أبومنصور محمد ابن الخليفة المعتضد بالله أحمد ابن ولي العهد أبي أحمد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل جعفر العباسي الهاشمي البغدادي استخلف أولا بعد خلع المقتدر بالله جعفر ثم خلع بعد ثلاثة أيام ودام دهرا إلى أن بويع ثانيا بالخلافة بعد قتل جعفر المقتدر سنة عشرين وثلاثمائة فأقام في الخلافة إلى أن خلعوه من الخلافة في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وئلاثمائة بالراضي بالله أبي العباس محمد وسملت عيناه فسالتا على خده وحبسوه مدة ثم أهملوه وسيبوه حتى مات في هذه السنة في جمادى الأولى وكان ربعة أسمر أصهب الشعر طويل الأنف وكان قد أفتقر وسأل قبل موته وهوأول خليفة خلع وسمل وفيها توفي محمد بن عبد الله بن أحمد أبو عبد الله الصفار الأصبهاني كان محدث عصره بخراسان وكان مجاب الدعوة أقام أربعين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله تعالى وكان يقول اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم كاسمي وأسم أبيه اسم أبي وكانت وفاته في ذي القعدة الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفى علي بن عبد الله بن يزيد بن أبي مطر الإسكندري القاضي وله مائة سنة وعمر بن الحسن أبو الحسين بن الأشناني القاضي وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار الأصبهاني وأبو جعفر محمد بن عمر بن البختري وأبو نصر الفارابي‏.‏

صاحب الفلسفة محمد بن محمد بن طرخان قلت يأتي ذكر الفارابي أيضًا في هذا الكتاب في غير هذه السنة على ما ورخه صاحب المرآة وغيره أمر النيل في هذه السنة الماء القديم خمس أذرع وعشرون إصبعًا مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا إصبعان‏.‏